محمد تقي الدين الهلالي
الفقيه الوطني والمثقف الكبير
هو محمد التقي بن عبد القادر بن محمد الملقب بخي بابا بن عبد القادر بن هلال، يمتد نسبه إلى علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
النشأة والنبوغ:
ورلد الدكتور تقي الدين الهلالي بالقصبة القديمة وتسمى الفرخ على بضعة أميال من مدينة الريصاني والأصل قصر أولاد عبد القادر بالغرفة بالريصاني نشأ الطفل في بيت عرف بالعلم والالتزام، فسارع أبوه لتحفيظه القرآن الكريم بنفسه، ثم استعان في ذلك بالشيخ خي بابا جد الطفل التقي إلى أن ختمه بالتجويد على يد الشيخ أحمد بن الصالح العبد الرحماني في تافلالت، وهو ابن إثنا عشرة سنة حتى توفي والده عن سن يناهز الأربعين، فجعل ينتقل بين قبائل البوادي حتى استقر في زيان يؤم الناس بالمسجد ويعلم الأطفال القرآن وهناك تعلم البربرية الأطلسية، ثم انتقل بعد ذلك إلى قرية بالحدود المغربية الجزائرية واستمر بها في تعليم الأطفال.
وقد درس محمد التقي وحده علم العروض إلا بحرا واحدا تعلمه على يد قاضي وجدة أحمد سكيرج... وذكر عن الفتى أنه عرف بذكائه ونبوغه ولذلك اهتم به رؤساء البلدة وأحبوه، وأتقن عدة لغات أجنبية من إسبانية وفرنسية وألمانية وانجليزية مكنته من توجيه الخطب إلى الشعوب الإسلامية عبر إذاعة برلين يدعوها إلى التحرر من ربقة الاستعمار بمختلف أنواعه.
وذكر عبد الله كنون في كتابه النبوغ المغربي في الأدب العربي ص: 291 في ترجمة حياته هو:أبو العباس أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي، أحد الأئمة في الفقه والحديث، والبيان واللغة والمنطق والحساب والهندسة، درس على أعلام سجلماسة وفاس وفاق جميع أقرانه في تحقيق هذه العلوم، فكان لا يدرك شأوه، ولا يبلغ مداه فيها.
وكانت نقطة التحول الهامة في حياة تقي الدين الهلالي كما ذكر ذلك مخلص السبتي في المرجع المذكور: عندما نزل فاس سنة 1340 ه فكان اللقاء التاريخي بينه وبين سيدي محمد العربي العلوي، الذي يرجع له الفضل في بث ونشر الفكرة الوطنية وبفضله تسربت الفكرة الإصلاحية إلى القصر الملكي، والذي استطاع بالحجة والإقناع أن يجعل محمد تقي الدين ينبذ الطريقة التجانية إلى غير رجعة ويتشبت بالكتاب والسنة، ولم يأل جهدا في فهمها واتباعها.
وفي سنة 1942 دخل محمد التقي المغرب بعد تجوال طويل في أنحاء العالم، التقى بزعماء الوطنية والتحرير في الشمال وكان يحمل معه رسائل من أمين الحسيني الزعيم الفلسطيني إلى المجاهد عبد الخالق الطريس. وأضاف مخلص السبتي:أن الإنجليز اغتنموا وجوده بتطوان فقاموا بمساعي دبلوماسية مع الحكومة الإسبانية لكي تمنعه من مغادرة المغرب والعودة إلى برلين وسعوا في ذلك، لكونه يوجه الخطب إلى الشعوب الإسلامية عبر إذاعة برلين يدعوها إلى التحرر من ربقة الاستعمار بمختلف أنواعه.
وألف الهلالي كتبا قيمة منها فتح القدوس في شرح خطبة القاموس و إضاءة الأدموس من اصطلاح صاحب القاموس ونور البصر في شرح خطبة المختصر وله الزواهرالأفقية في شرح الجواهر المنطقية وهو على شرح المنظومة المعروفة بالقادرية في المنطق لأبي الفضل عبد السلام القادري، وشرحها هذا قل أن يكون له نظير، وله أيضا الياقوتة الفريدة في نظم لب واجب العقيدة.
رحل إلى المشرق مرتين وألف رحلة مفيدة، وتوفي رحمه الله يوم الإثنين 25 شوال عام 1407 الموافق 22 يونيو 1987ه. وصلي عليه بالمسجد الكبير بعين الشق ودفن رحمه الله بمقبرة قرية الجماعة بالدار البيضاء