قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في لطائف المعارف كلاما نصه:
هبت اليوم على القلوب نفحة من نفاحات نسيم القرب،سعى سمسار المواعظ للمهجورين في الصلح، وصلت البشارة للمنقطعين بالوصل، و للمذنبين بالعفو، و للمستوجبين النار بالعتق.
لما سلسل الشيطان في شهر رمضان، و خمدت نيران الشهوات بالصيام انعزل سلطان الهوى، و صارت الدولة لحاكم العقل بالعدل، فلم يبق للعاصي عذر.
ياغيوم الغفلة عن القلوب تقشعي.
ياشموس التقوى و الإيمان اطلعي.
يا صحائف أعمال الصائمين ارتفعي.
يا قلوب الصائمين اخشعي.
يا أقدام المتهجدين اسجدي لربك و اركعي، يا عيون المجتهدين لا تهجعي، يا ذنوب التائبين لا ترجعي، يا أرض الهوى ابلعي ماءك و يا سماء النفوس أقلعي، يا بروق العشاق للعشاق المعي، يا خواطر العارفين ارتعي، يا همم المحبين بغير الله لا تقنعي، قد مدت في هذه الأيام موائد الإنعام للصوام، فما منكم إلا من دعى "يا قومنا أجيبوا داعي الله" و يا همم المؤمنين أسرعي، فطوبى لمن أجاب فأصاب، و ويل لمن طرد عن الباب و ما دعي.
ليت شعري إن جئتهم يقبلوني***أم تراهم عن بابهم يصرفوني؟
أم تراني إذا وقفت لديهـم***يأذنوا بالدخول أم يطردوني؟