مم
عدد المساهمات : 7 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 29/04/2010 العمر : 60
| موضوع: إشكالية بين إدارة و تسيير المؤسسات الجامعية 2011-01-27, 12:05 | |
| تعيش الجامعة المغربية، هذه الأيام، على وقع أزمة بين أطراف العلاقة داخلها ، سواء تعلق الأمر بعلاقة العمادة مع الطلبة أو في علاقتها مع الأساتذة، و دون الدخول في تفاصيل الأحداث التي تعيشها بعض الكليات على المستوى الوطني ، نطرح السؤال التالي: ألا يمكن رد الأزمة إلى الاختلاف البين بين مقاربتين و نموذجين في التدبير و اتخاذ القرار داخل المؤسسات الجامعية؟ مقاربة يتمسك بها المسيرون، تعتبر العميد صانع القرار و مالك السلطة داخل الكلية، بدعوى أنه يمثل الدولة- الحكومة و معين بظهير ملكي. و مقاربة يتمسك بها الأساتذة و تستند إلى مقتضيات القانون 00-01 ( المتعلق بالتعليم العالي ، جريدة رسمية عدد 4798 (19 ماي 2000)) التي تنص على أن مجلس المؤسسة هو أعلى هيئة تقريرية داخل المؤسسة الجامعية، و أن دور العميد هو تنفيذ ما يصدر عن هذا الجهاز. و لحسم هذا الجدل لا بد من قراءة متأنية للمواد20 و 21 و 22 و 23 من القانون 00-01، و القوانين التنظيمية الصادرة لتطبيقه. - المادة 20 : «تحدث المؤسسات الجامعية بمرسوم. و يدير شؤونها مجلس للمؤسسة. يسير الكليات و المدارس و المعاهد لمدة أربع سنوات عمداء...» إن هذه المادة تطرح لبسا في التفسير مما يخلق تأويلات متضاربة في التطبيق، فما هو الفرق بين يدير و يسير ؟ - المادة 21: - يقوم العميد أو المدير بتسيير المؤسسة الجامعية و بتنسيق جميع أنشطتها. - يرأس مجلس المؤسسة و يحدد جدول أعماله و فق الشروط المحددة في النظام الداخلي للمجلس. - يسير مجموع (لمستخدمين ؟؟؟) ينين للعمل بالمؤسسة. - يسهر على حسن سير الدراسات و أعمال مراقبة المعلومات و يتخذ جميع التدابير الملائمة لهذه الغاية. - يتفاوض في شأن اتفاقات و اتفاقيات التعاون التي تعرض على مجلس الجامعة للمصادقة عليه. - و يسهر تحت إشراف رئيس الجامعة على احترام النصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل و النظام الداخلي داخل حرم المؤسسة، و يجوز أن يتخذ جميع التدابير التي تستلزمها الظروف طبقا للتشريع الجاري به العمل». إن هذه المادة تطرح، في نظرنا، إشكاليتين: 1. عدم توضيح طبيعة العلاقة بين العميد و مجلس المؤسسة، باستثناء الإشارة إلى رئاسته لمجلس المؤسسة و تحديد جدول أعماله، خاصة فيما يتعلق بمدى التزام العميد بتنفيذ قرارات المجلس، عكس ما هو منصوص عليه في المادة 16 : « يرأس رئيس الجامعة مجلسها و يقوم بتحضير قراراته و تنفيذها و يتلقى اقتراحاته و آرائه، و يحدد جدول أعماله طبقا للشروط المحددة في النظام الداخلي للمجلس». 2. عبارة المستخدمين الواردة في المادة تحيل إلى القطاع الخاص و القطاع شبه العمومي و يخضعون قانونيا لمقتضيات قانون الشغل ( و هو نفس التعبير المستخدم في المادة 17 و التي تنطالب النقابة الوطنية للتعليم العالي بوقف العمل بها)، مما يطرح السؤال : هل الأساتذة يدخلون في خانة المستخدمين، خاصة أن المادة 22 تميز بين الأساتذة و المستخدمين؟. المادة 22 : «- يتألف مجلس المؤسسة من أعضاء بحكم القانون ومن ممثلين منتخبين عن الأساتذة و المستخدمين الإداريين و التقنيين و ممثلين عن الطلبة و كذا من أعضاء معينين من بين شخصيات من خارج المؤسسة. بالإضافة إلى الاختصاصات الأخرى المخولة له بموجب هذا القانون فإن المجلس: - ينظر في جميع المسائل المتعلقة بمهام المؤسسة وحسن سيرها، و يمكن أن يقدم اقتراحات في هذا الشأن إلى مجلس الجامعة؛
- يقوم بإعداد اقتراحات تتعلق بميزانية المؤسسة؛ - يتولى توزيع الوسائل المالية على مختلف الهياكل ...؛ - يوافق على مشاريع إحداث المختبرات؛ - يقوم بإعداد نظام الدراسة و الامتحانات و نظام مراقبة المعلومات الخاصة بالتكوينات المدرسة ...؛ - يمارس السلطة التأديبية بالنسبة للطلبة ...؛ - يقترح على مجلس الجامعة التدابير الكفيلة بتحسين الاندماج المهني للحائزين على الشهادات؛ - يقترح على مجلس الجامعة كل إصلاح للتكوينات المدرسة داخل المؤسسة؛ و يتخذ كل إجراء ذي طابع بيداغوجي يهدف إلى جودة التكوين؛ - يقترح على مجلس الجامعة التدابير الرامية إلى تحسين توجيه و إعلام الطلبة و التشجيع على تنظيم الأنشطة الثقافية و الرياضية؛ - يتداول في جميع المسائل المتعلقة بمهام المؤسسة و حسن سيرها؛ - يتخذ جميع الإجراءات الرامية إلى تحسين سير المؤسسة؛ - يعرض اقتراحات إحداث المراكز على مصادقة مجلس ا لجامعة؛ - يقوم بإعداد نظامه الداخلي الذي يعرض على مجلس الجامعة للمصادقة عليه؛ - يحدث في حظيرته لجانا دائمة ...». - من خلال قراءة هذه المادة يمكننا الوقوف عند الملاحظات الآتية: 1. إضفاء الطابع الديمقراطي التشاركي على مجلس المؤسسة من خلال تعدد مكوناته( مرسوم رقم 2.01.2328 صادر في 22 من ربيع الأول 1423(4يونيو2002) بتحديد تأليف مجالس المؤسسات الجامعية و كيفية تعيين أو انتخاب أعضائها و كذا كيفيات سيرها.( جريدة رسمية عدد 5216). حيث يضم : أعضاء بالتعيين و آخرون بالانتخاب؛ عمادة و أطر إدارية وأعوان و أساتذة و طلبة؛ أعضاء من داخل المؤسسة ومن خارجها. هنا نتساءل إلى أي حد تحترم هذه المقتضيات؛ خاصة حضور الشخصيات الأربعة من خارج المؤسسة الذين يعينهم رئيس الجامعة باقتراح من رئيس المؤسسة المعنية بعد استشارة نواب العميد أو المديرين المساعدين و رؤساء الشعب(المادة 2 من المرسوم السالف الذكر)؟.
2. العبارات المستعملة لتحديد مهام المجلس، و باستثناء تلك المتعلقة بمهام محددة بدقة كما هو الحال في الجانب المالي و البيداغوجي و التأديبي...، تجعل من المجلس أعلى هيئة تقريرية داخل المؤسسة الجامعية، نذكر على سبيل المثال : المجلس يتداول في جميع المسائل المتعلقة بمهام المؤسسة و حسن سيرها؛ يتخذ جميع الإجراءات الرامية إلى تحسين سير المؤسسة؛ ينظر في جميع المسائل المتعلقة بمهام المؤسسة و حسن سيرها، و يمكن أن يقدم اقتراحات في هذا الشأن إلى مجلس الجامعة.
هذه المكانة التي خصها القانون لمجلس المؤسسة تتضح بدقة على مستوى مجلس الجامعة ، كما توضح ذلك المواد التالية:
- المادة 11 : «يتمتع مجلس الجامعة بجميع السلطات و الصلاحيات اللازمة لإدارة الجامعة...». - المادة 12 : « يتداول مجلس الجامعة في جميع المسائل المتعلقة بمهام الجامعة و حسن سيرها...». نتأذى مما سبق إلى أن عبارة « جميع المسائل»( Toutes les questions) لا تطرح أي مجال للاستثناء، مما يعطي لمجلس المؤسسة قوة تقريرية. -المادة 23 : « تكلف اللجنة العلمية لكل مؤسسة جامعية باقتراح جميع التدابير المتعلقة بالأساتذة الباحثين و لا سيما ما يتعلق بترسيمهم و ترقيتهم و تأديبهم.
و يحدد بنص تنظيمي تأليف و سير هذه اللجنة و كيفية تعيين أعضائها و انتخابهم(مرسوم رقم 2.01.2329 صادر في 22 من ربيع الأول 1423(4 يونيو 2002( جريدة رسمية عدد 5016 (27 يونيو 2002)، مع مراعاة التساوي بين عدد المعينين و المنتخبين». هذه المادة تطرح سؤالا أساسيا: هل العميد يمكنه ترسيم و ترقية و تأديب الأساتذة الباحثين؟ و بصيغة أخرى هل العميد هو الرئيس التسلسلي للأساتذة الباحثين داخل المؤسسة؟ لتجاوز ما يطرحه تطبيق هذه المادة من تأويلات متضاربة لا بد من استحضار مقتضيات قانون الوظيفة العمومية( ظهير شريف رقم 1.58.008 بتاريخ 4 شعبان 1377 ( 24 فبراير 1958): - الفصل 20 :» يهيأ ملف خاص بكل موظف تسجل فيه و ترقم و ترتب بدون انقطاع جميع الأوراق التي تهم حالته المدنية و حالته العائلية و حالته الإدارية. و لا يجوز أن تدرج في هذا الملف أية إشارة لنزعات صاحبه السياسية و الفلسفية و الدينية». - الفصل يبين أن من مهام الإدارة تهيئ هذا الملف تحت إشراف العميد باعتباره رئيس الجهاز الإداري داخل الكلية. - الفصل 65 : «تختص بحق التأديب السلطة التي لها حق التسمية». 1- إن العميد يتولى تدبير شؤون المؤسسة ، و هو المسؤول عن ضمان حسن سير المرفق العام (المادة 21) ، لكن استنادا إلى ما يصدر عن مجلس المؤسسة من قرارات تهم السير العادي : ماليا؛ بيداغوجيا... ( المادة 22)، أو عن اللجنة العلمية: الترسيم؛ الترقية و التأديب( المادة 23). لذلك نرى أن تجاوز ما تعيشه المؤسسات الجامعية من تباعد بين العمادة و الأساتذة رهن التعامل الإيجابي مع مقتضيات القانون و الاحتكام داخل المؤسسة إلى مجلس المؤسسة؛ و بذلك يستطيع العميد عن ينأى بنفسه عن كل انتقاد مادام يستند في قراراته إلى القانون ، الذي يسمو على الجميع و عليهم الامتثال له (الفصل 4 من الدستور)- و إلى قرارات مجلس المؤسسة طبقا للقانون المنظم للتعليم العالي. كما أن الأساتذة و الأطر الإدارية و الأعوان لا يمكنهم أن يحتجوا على العميد مادامت القرارات صادرة عن من يمثلهم . 2. الجامعة المغربة في حاجة إلى إدارة رشيدة تقدم المثال على حسن التدبير و الحكامة الجيدة، ذلك أن الفاعلين داخل المؤسسة الجامعية ( سواء تعلق الأمر بالأساتذة والإداريين و الأعوان و الطلبة ) لا يطالبون إلا بالاعتراف بهم كنخبة قادرة على العطاء ؛ و ليس فقط أيدي بدون رؤوس مما يتطلب تجاوز النظر إليهم بمنطق « إني قد رأيت رؤوسا قد أينعت و حان قطافها». 3. تجاوز تدبير الأزمة بنظرية المؤامرة و رد الفعل، و النظر إلى ما تعيشه عدة مؤسسات نظرة موضوعية و ليس نظرة شخصية انتقامية. 4. إن النقابة التشاركية لابد أن تجعل من الحوار ضرورة حيوية، دون الوقوع في «نزعة الحوار من أجل الحوار». 5. إذا كان من بين أهداف النقابة الدفاع عن المصالح المادية و المعنوية للأساتذة بالتعليم العالي و الباحثين( المادة 4 من القانون الأساسي للنقابة الوطنية للتعليم العالي) فعليها أن تضع نصب أعينها الدفاع عن المهنة و عن ضمان سير المرفق العام و مصلحة الطلبة, لأن» التشبث الدغماتيقي بشكل من أشكال النضال يخفي إما انحرافا يمينيا وإما هروبا إلى الأمام»( أنظر، عبد اللطيف المنوني و محمد عياد، الحركة العمالية المغربية : صراع و تحولات ، دار توبقال للنشر،ط1، 1985، ًص.175). أي أن المصلحة العامة تقتضي تجاوز نظرية « الرابح كل شيء و الخاسر كل شيء»، ففي هذا النوع من الأزمات لا تقاس الأمور بهذا المنطق، و إنما لابد من الأخذ بالاعتبار الظروف الموضوعية و بأن الحلول لا يمكن أن تأتي دفعة واحدة. 6. إن المسؤولية في نهاية المطاف عن ما يجري في العديد من المؤسسات الجامعية تعتبر مسؤولية سياسية تتحملها الوزارة الوصية المسؤولة عن السياسة التعليمية ، فلا يعقل إحداث مؤسسات جامعية دون توفير الشروط المادية و المعنوية الضرورية لحسن سيرها، مما يجعل العمداء و رؤساء الجامعات في اصطدام دائم مع الفاعلين الآخرين في العملية التربوية. | |
|