التفسير العقدي لسورة الضحى
بقلم د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)) سورة
(الضحى)، سميت بذلك للإقسام به في مستهلها. ولها مقصدان:
- أولهما بيان منزلة النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ربه، ومنة الله عليه.
- ثانيهما: إعلاء القيم الخلقية.
(وَالضُّحَى) قد تقدم ذكر الخلاف في المراد بالضحى، عند قول الله تعالى: (والشمس وضحاها)، هل هو أول النهار، أم أنه يشمل النهار كله.
(وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) إذا للظرفية. ومعنى
(سجى): استوى، وسكن. وقيل معناها: غطى بظلامه. وقيل معناها: أقبل. وهذه المعاني الثلاث متقاربة، ولا تعارض بينها؛ فإنه إذا اقبل، غطى بظلامه، وإذا غطى بظلامه استوى، وسكن. فهي معان متقاربة، يقسم فيها الرب - سبحانه وتعالى -بإقبال الليل، وما يصحبه من تغشية هذا الكون كله بسواده، وما ينتج عن ذلك من سكون وطمأنينة. وهذا يتضح في الأزمنة السابقة؛ فإذا غربت الشمس، أوى كل أحد إلى منزله، وسكنت الأصوات، وهدأ الكون. فالله – تعالى - يقسم بهذه الحالة. وهذا يقوي أن يكون المراد بالضحى أول النهار؛ لكي يكون مقابلا لليل إذا سجى، أي: أول الليل.
وقد قيل قول رابع في معنى (سجى)، لكن فيه غرابة، أي: ذهب! فإن كان صحيحًا في اللغة، فمعنى ذلك أن كلمة (سجى) من الأضداد.
(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) (ما): نافية . والودع هو الترك.
(
وَمَا قَلَى) يعني: وما قلاك. ومعنى
(قلى): أبغض، وجفا. فالمعنى: ما تركك، ربك يا محمد، ولا أبغضك، ولاجفاك، كما زعم المشركون.
وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان ينزل عليه الوحي متتابعًا. فأول ما أنزل الله – تعالى - عليه سورة (اقرأ)، ثم بعد ذلك نزلت سورة (المدثر)، وتتابع الوحي. ثم انقطع عنه الوحي، كما جاء في السير، خمس عشرة يومًا، حتى إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتاق له شوقًا عظيمًا، ولحقه من اللهف شيء عظيم، ووقع في نفسه شيء أن يكون الله - عز وجل – قلاه. والصحيح ما رواه البخاري، عن جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا. فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ! إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ. لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى". وفي الترمذي، عنه: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ، فَدَمِيَتْ أُصْبُعُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ
قَالَ: وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَدْ وُدِّعَ مُحَمَّدٌ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
ففي هذه الآيات يطمئن الله نبيه، ويسليه عما قاله المشركون، ويبطل دعواهم.
ولم يزل أنبياء الله تعالى يعانون من هؤلاء الطاعنين، كما قال الله عز وجل: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا). ولم يزل أعداء الرسل ينالون منهم، ويؤذونهم بالمسبة. وحتى يومنا هذا يلقى أنبياء الله، عامة، ونبينا - صلى الله عليه وسلم – خاصة، الأذى، والطعن. كان المستشرقون ينالون من شخص نبينا - صلى الله عليه وسلم - ويوجهون له المطاعن ليستزلوا المسلمين عن إسلامهم. وجاء هؤلاء الغربيون، اليوم، ليؤذوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرسوم المسيئة، وبالأفلام، وبالمقالات السيئة، ولكن أنى لهم! فمقام نبينا - صلى الله عليه وسلم - في القمة السامقة، لا يتمكن هؤلاء الأدعياء المزيفون من أن يطالوه بقلامة ظفر. ولكن هذا لايغني عن الرد، وذلك حفظا لدين الله، وغيرةً على نبيه- صلى الله عليه وسلم - وانتصاراً له، وإلا فإن الله ناصر دينه، ومعز نبيه، صلى الله عليه وسلم .
(وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى) اللام في قوله
(وَلَلْآَخِرَةُ) لام القسم. والمعني: ما أعد الله لك في الدار الآخرة، من الكرامة والنعيم (خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى) أي: الدنيا.
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) (سوف) للمستقبل، و(اللام) للقسم، أيضاً. فالله تعالى يعد نبيه بجزيل العطاء، حتى يبلغ درجة الرضا.
وهذه الجمل، جواب القسم، في مطلع السورة. وجواب القسم: أمران منفيان، وأمران مثبتان:
- فالمنفيان (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)
- والمثبتان (وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)
قال بعض المفسرين، وروي في ذلك حديثًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (إذاً لا أرضى واحد من أمتي في النار، أو لا أرضي أن يدخل أحد من أمتي في النار)، ولكن هذا حديث ضعيف، ويتعلل به أصحاب الأماني الباطلة، من أهل الفسق، فيسوغون لأنفسهم ارتكاب المعاصي والفجور، بناء على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لن يرضي أن يدخل أحد من أمته النار! وهذا لا يصح تسويل، وتزيين، وإملاء، من الشيطان لهؤلاء ليتمادوا في معاصيهم.
وقد أطال ابن القيم، رحمه الله، في رد هذا القول، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما يرضيه ما يرضي ربه. فإذا كان الله لا يرضى عن الفاسقين، ولا يرضى عن الظالمين، ولا يرضى عن المجرمين، فكيف يرضى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بما لم يرض به الله؟!
ثم إن السياق بعد ذلك توجه بالخطاب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى) : هذا استفهام تقريري؛ لأن معنى (أَلَمْ يَجِدْكَ): أي وجدك. والجواب على السؤال المبدوء بهمزة:
- في حال الإثبات ((بلى))
- وفي حال النفي ((كلا))
فجوابه: بلى! وجده يتيمًا فأواه .
ذلك أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - توفي أبوه عبد الله، وهو حمل، فعطف عليه جده عبد المطلب، ثم لم يلبث أن بلغ ست سنين، فتوفيت أمه، فهذا اليتم كأشد ما يكون؛ بذهاب الأبوين. ثم مات عمه عبد المطلب، فأواه عمه أبو طالب. فمعنى آوى: أي: ضمك عمك أبو طالب إليه، أو: ضمك الله عز وجل إلى عمك أبي طالب.
(وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) (ضالا) المقصود هنا أي: جاهلا بدينه. وليس المقصود بالضلال هنا أنه قارف شيئا مما يقارف الضالون، ولكن المقصود تائهًا عن طريق الحق، الذي هو دين الله – تعالى -، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتلمس الحق، ويبحث عنه، حتى إنه آل به الأمر إلى أن يتحنث الليالي ذوات العدد في (غار حراء)، يتأمل، ويتعبد للخالق، لكن دون أن يكون عنده شريعة يعمل بها، حتى هداه الله لدينه. ويالها من هداية، هي أعظم هداية، فقد أنزل الله – تعالى - عليه الوحي، وعلمه ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه كبيرًا.
(
وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى): يعني فقيرًا، عالة على غيرك، فأغناه الله تعالى أيما غنى، فصار له الفيء، والخمس من الغنيمة، ينفق منها نفقة من لا يخشى الفقر، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتقلل في ذات نفسه، وذلك أن الغنى هو غنى النفس، كما قال بأبي هو وأمي: (لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ) متفق عليه.
ومن تأمل في حال الناس، أدرك أن الغنى ليس عن كثرة العرض؛ من عقار، وأسهم، ومراكب، ودور، وقصور، وثياب. فكم من إنسان ملك هذه جميعًا، لكن في قلبه فقر، وشح، فلا يستمتع بشيء مما أوتي، فهو مسكين، وإن ملك الملايين. وكم من إنسان رزق القناعة، وغنى النفس، واكتفي بما تيسر، فطابت نفسه، وقرت عينه، ورأى أنه من أغنى العالمين.
وينبغي للإنسان أن يربي نفسه على القناعة، فإنك لن تأكل أكثر من ملء بطنك، ولن تلبس أكثر من طول بدنك، ولن تسكن في أكثر مما يكنك. فإذا رزقت هذه القناعة فكأنما حيزت لك الدنيا بحذافيرها. ترى الرجل، تغرِّب أمواله، وتشرِّق، يموت، فلا يذهب إلى قبره إلا بثوبين، لا يتجاوزان بضعة أمتار، ويأوي إلى بيت موحش، طوله قدر طوله فقط. ويترك الأراضي، والدور، والقصور، لوارثه.
فلا بد من اعتبار هذه المعاني، وعيشها حقًا، وصدقًا. وإذا أجرى الله – تعالى - في يده خيرًا، فليرتفق به، ولكن يعلم أنه عارية، تنتقل منه إلى غيره، كما انتقل من غيره إليه. فيرتفق بما أباح الله – تعالى – له، فلا يتكلف مفقودًا، ولا يرد موجودًا. بهذا يسير الإنسان على هيِّنته مطمئنًا، دون أن يشعر بالنقص.
بعض الناس إذا التفت يمنة ويسرة، ورأى بعض أقرانه، ومن قد كان دونه، قد سبقوه في مضامير الدنيا، صار في قلبه حرقة، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ. وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ) رواه مسلم. فهذا درس بليغ.
بعد هذه المنن الحسية، والمعنوية، التي غمر الله تعالى بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - أمره بما يناسب المقام، فقال له:
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (فَأَمَّا الْيَتِيمَ) الفاء هذه يسمونها الفاء الفصيحة؛ لأنها تفرع على ما سبق.
(
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) ذكر اليتيم، لأنه قبل قليل قال: (
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى). فينبغي أن يكون شكر النعمة، من جنس النعمة، فإن كنت يتيمًا يومًا من الدهر، فجدير بك أن ترفق باليتامى، وإن كنت فقيرًا يومًا من الدهر، فحري بك أن تعطف على الفقراء.
(
فلا تقهر) أي: لا تغلبه بأخذ ماله، أو غير ذلك. وقد كان اليتامى في الجاهلية يغلبون على أمرهم، وتؤخذ أموالهم، ولا يررثون، فحفظ الإسلام حقهم، وأوصى بهم.
(
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) (السائل) هو المستجدي الفقير، فلا تزجره لفقره. والسائل، مظنة الزجر؛ لأنه يتضع، ويذل نفسه لكي يحصل على مطلبه، فيجرأ غيره عليه، وربما نهره وزجره.
والحقيقة أن كلمة السائل أوسع من أن تختص بالسائل بسبب الفقر، بل تتناول السائل عن أي مصلحة من المصالح؛ دينية كانت، أو دنيوية، فإنه لا ينهر، فإذا سألك سائل عن أمر من أمور دينه، فلا تنهره، بل سهل، ورحب، وأجب طلبته، إذا كان عندك علم تجيبه به. وكذلك لو سألك عن أمر من الأمور التي تحسن، فأعنه، ولو سألك عن الطريق فدله.
(
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) يعني: فأخبر الناس بما أنعم الله تعالى عليك، ولا تكتم ذلك، وتجحده. فإن الحديث بذلك من شكر النعمة. وقد قال القائل:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا
فشكر نعمة المنعم يكون بالجوارح، وباللسان، وبالقلب.
فيشكر العبد ربه بقلبه: بمعنى أن يغتبط قلبه بنعمة الله عليه، ويعلم أنها من عنده.
وبلسانه: فلا يزال يحدث بنعمة الله عليه، وأنه في خير وعافية من الله، ونحو ذلك.
وبجوارحه: فيسخِّر جوارحه في طاعة الله، من السعي على الأرملة، والمسكين، ومساعدة الملهوف، وإغاثة المضطر، وامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه، لجوارحه، فبذلك يحصل الشكر.
وقيل: إن معنى (حدث): يعني جدد، شكرًا إثر شكر. والناس يتفاوتون في استقبال نعمة المنعم؛ فمنهم من يغتبط بنعمة الله، ويثني بها عليه، ويحدث بهذا الفضل، ومن الناس من يجحد النعمة، وينسبها إلى نفسه، كما فعل قارون، قال (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي). وهذا، بأقبح المراتب. وثمَّ فئة ثالثة، وهم الذين ينعم الله تعالى عليهم، ثم يكتمون نعمة الله عليهم، خوفًا من العين! فيتظاهرون بالبؤس، وسوء الحال. وهذا في الحقيقة نوع شرك، لأنه خوف زائد، وفيه كفران للنعمة، وفيه ضعف شخصية. والذي ينبغي للعبد إذا انعم الله تعالى عليه أن يحدث بنعمة الله عليه. وليس المقصود أن يفتخر في المجالس، ويفيض في التفاصيل، كلا! وإنما يتكلم بكلام عام، مجمل، يتضمن ذكر نعم الله، والثناء بها عليه. وأما من أشرت إليهم، فتجد أحدهم إذا سئل، أجاب بما يشعر بأن الأمور بين بين. وهذا، في الحقيقة، كفران للنعمة، وخوف مبالغ فيه. وعلى العبد أن يقوي توكله على الله، ويعلم أنه لا يأتي بالحسنات إلا الله، ولا يدفع السيئات إلا الله، وأن الله تعالى هو الذي يعصمه، وأن عليه أن يخشى أن يسلبه الله النعمة، بسبب هذا التكتم والجحود.
وهذه السورة قد ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في آخرها. وقد اختلف في ثبوت هذا، وهل هو من سنن القراءة، أن يكبر في أخرها وما بعدها، من السور، فاعتمد ذلك بعض القراء، وبعضهم رده. وللشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد - رحمه الله - بحث رائق في هذا في كتابه (بدع القراء).
الفوائد المستنبطة
الفائدة الأولى: مشروعية رد شبه الطاعنين.
الفائدة الثانية: كرامة النبي- صلى الله عليه وسلم - على ربه في الدنيا والآخرة.
الفائدة الثالثة: منة الله تعالى على نبيه ورعايته له
الفائدة الرابعة: أن شكر النعم يكون من جنسها. فمثلا إذا أنعم الله عليك بالمال فإن من شكر نعمة الله بالتوسعة في المال، أن تتوسع في الصدقة، والنفقة، وألا تمسك. وإذا انعم الله عليك بالعلم، فإن من شكر الله نعمة الله بالعلم، أن تبذله لطالبيه؛ وتعلم الجاهل، وتذكر الناسي، وتنبه الغافل. وهكذا في كل باب من الأبواب اجعل شكر النعمة بالدرجة الأولى من جنسها.
الفائدة الخامسة: إظهار فضل الله تعالى على العبد، والثناء به عليه. فينبغي أن يظهر العبد فضل الله عليه ويثني به على مسديه .
الفائدة السادسة: فساد مسلك أهل الجحود للنعم، على اختلاف أنواعهم .
منقول للفائدة