عدنان زهار
عدد المساهمات : 16 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 03/03/2010
| موضوع: اجتباء وكرامة -قصة واقعية- 2010-04-06, 05:05 | |
| اجتباء وكرامة -قصة واقعية- بعد مدة طويلة ببلاد المهجر يعود الرجلُ الصالح إلى بلده؛ بثقافة عالية ومال وفير وزوجة وبنين؛ اجتهد للاستثمار على أرض وطنه؛ واختار طريقا مثمرا مربحا؛ السياحة... فأنشأ فندقا من اكبر الفنادق وأحسنها؛ وجهزه بأحدث التجهيزات؛ واختار له أمهر المسيرين والعمال والموظفين؛ حتى غدا بعد مدة قصيرة قبلة للسائحين ومقصدا للمسافرين من داخل البلد وخارجها. وكغيره من الفنادق في زماننا، فتحت في إحدى رواقاته خمارة يقصدها الغافلون عن الله، ويحج إليها الضالون والمنحرفون عن طريق سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم؛ ويجتمع فيها أهل الضلال على سخط الله وغضب الله ونقمة الله. لكن الرجل الصالح صاحب الفندق، كان يشعر كلما وطئت قدمه خمارة فندقه بضيق في قلبه وعتاب شديد، ومحاسبة من نفسه اللوامة مستمر عتيد... "أمالك عقل، تُعلن الحرب على الله فتبيع ما يفسد الطريق إليه، وتشيع الفاحشة في أرضه، أما لك إيمانٌ؟ تقبل لنفسك وأهلك وأبنائك أن ينبت لحمهم وتنمو عظامهم بمال سخط عليه الله، وأزال منه بركة السماء؟ ..." هكذا كانت الخصلة الإيمانية في قلب الرجل الصالح تحدثه لائمة معاتبة له في ليله ونهاره وحله وترحاله؛ هكذا كان كلما نظر إلى نفسه على صحيفة مرآة قلبه، رأى شخصا غير الذي يعرفه من نفسه وغير حقيقة أمره. ولا زال الرجل الصالح حصيرَ عراك شديد بين لمة ملَكٍ من السماء تريده عبدًا لِلَّه لا إله سواه، وبين لمة شيطان تجره إلى عبودية الدنيا وشهوتها... وشاء العلم الأزلي أن يكون الرجل الصالح من أهل الاجتباء، ويفوز بالمحبة الربانية والاصطفاء الإلهي، فتنقدح شرارات نور الهداية في قلبه، لتطمس معالم الشر المهيمنة عليه الهاجمة على روحه التي لا تعرف من يوم خلقت إلا الحق ولا تميل إلا إلى الخير والنور والطهارة والهداية. من بعيد، اتصل بموظفيه وعماله بالفندق يقول لهم: لا أريد أن تبيت في فندقي الليلة قارورة واحدة من خمر !!! مذا؟ من المتصل؟ أنا فلانٌ بعينه، قلت لكم لا أريد قطرة واحدة من خمر في الفندق هذه اليلة، وعجلوا بالتنفيذ، عجلوا... الله أكبر، إعلان بر اءة الرجل المؤمن من الشيطان... الله أكبر، إعلان انتصار الرجل الصالح على الشيطان... الله أكبر، إعلان ولادة الرجل الصالح من جديد... سارع الرجل الصالح إلى تنفيذ أمر الله تعالى. لقد أقبل على الله، فمذا بعد؟ أقبل الله عليه لقد رضي بالله، فمذا بعد؟ رضي الله عنه لقد نصر اللهَ، فمذا بعد، نصره الله. لقد تاب إلى الله، فمذا بعد؟ تاب الله عليه. كان ذلك يوم الصلح مع الله؛ فجعله الرجل الصالح يوم عيدٍ يفرح به ومعه وله المؤمنون في كل بقاع الأرض؛ بل يفرح له قبل ذلك رب العزة تعالى ، قال الله عز وجل: «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني، والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت إليه أهرول»؛ ويفرح المحبوب الأعظم والواسطة العظمى سيدنا محمدا عليه الصلاة والسلام: «حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم». فما ظنكم برجل فرح الله ورسوله والمؤمنون له ولعمله؛ إنه لا شك رجل صالح، بل ومُصلح، فبمثله يرفع الله العذاب عن هذه الأمة: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ). لقد تصرف في الرجل مقتضيات وأسرار قول الرب الكريم: (الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي غليه من ينيب)؛ والاجتباء عطاء ومنة، ثمنها في الدنيا ابتلاء يقتضي اصطبارا... قرَّر منع الخمر من الفندق...والفنادق أكثر دخلها من الخمر؛ خاصة في المناطق السياحية التي يرتادها الزوار غالبا؛ وبأخص الخصوص أن الأزمة الاقتصادية العالمية أثرت على السياحة في البلد، فاشتكى من ذلك كلُّ أصحاب الفنادق كصاحبنا الرجل الصالح، فلم يبق لتعويض الضرر الظاهر إلا بيع الخمر. لكن القلب الطاهر إذا رضي بالله ربا كفر بكل من سواه، المؤمن الصادق إذا اعتقد أن الرزق بيد الله وهو الذي يعطي ويمنع ويضر وينفع، تجاهل كل المشوشات والوساوس والتزيينات والإغراآت... وكذلك فعل الرجل الصالح؛ تجاهل كل شيء وقال: ربي الغني ربي النافع ربي الرزاق. وحدثه لسان قلبه بما حدث به نبي الله صلوات ربي وسلامه عليه قائلا: «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه». انتظر ليرى مذا يحصل لرزقه؟ وكيف سيجازيه ربه؛ انتظر ليرى الكرم ويعيش الكرامة، انتظر ليعطي البرهان الساطع على اثر الإيمان وكيف يمكنه أن يصنع المعجزات... دخل زائر أمريكي إلى فندقه في الأسبوع الأول من الصلح مع الله، ونزل بأغلى الغرف في الفندق سعرا في أيام متعددة، فيها ربح وفير...فما لبث ان طلب على مائدته خمرا... -نأسف فليس عندنا خمر. -كيف، هل تسخرون مني؟ فندق مصنف وذو شهرة عالية وفي مكان سياحي بامتياز لا خمر فيه إنها لإحدى الكبر !!! لا والله، لا نسخر منك، إنها حقيقة هذا الفندق، ليس فيه خمر، لأن الله ارتضاه هكذا. جاءه الرجل الصالح وقال له: معذرة فإن علي مراقبة فوقي لا أستطيع أن أتجاوز تعاليمها... قال الزائر السائح: صِلني بمراقبك وميديرك أكلمه في الأمر. قال له: إنه ربي في عليائه، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار... استفزه الزائر قائلا: يمكنني أن أؤدي عن الخمر مضاعفا وحالا...وإلا سأغادر الغرفة آنا. فبكل أدب ورقة وذكاء وثبات: قال له: معذرة، والله يمكننا أن نضيفك ونخدمك بكل ما تريد إلا بشيء يغضب ربنا، نزلت أهلا وحللت سهلا، وإن شئت المغادرة فأنت وأنت. فغادر السائح الفندق وذهب معه ربحٌ كبير... بعد ساعة من زمن، طرق باب الفندق رجل عليه سيما الصالحين مع زوجته المحتشمة، وطلب الغرفة نفسَها التي خرج منها السائح طالب الخمر، وبعدد الأيام التي كان ينوي الآخر البقاء فيها... الله أكبر؛ اتق الله تر عجبا، إنها بداية الكرم والكرامة... في اليوم الموالي يقسم الرجل الصالح أنه لم يحصل لفندقه منذ أن فتحه في وجه الزوار أن امتلأ عن آخره، بل ومنذ ذلك اليوم يوم الصلح مع الله، والرجل الصالح يعيش طهارة روحية وسموا وجدانيا كبيرا. بكت عينُه واقشعر جلدُه واطمأن قلبه، عندما نزل أدراج خمارة الفندق –سابقا- فوجدنا فيها سجودا نصلي المغرب جماعة... قال لكل من لقيه حينها: "أنا اليوم انتصرت على الشيطان" وأخذ يرددها فرحا بها ومستبشرا بكرم الله له... فشهدت أرض ذلك المحل وجدرانه وسقفه بالذكر والذاكرين بعدما شهدت بالخمر والضالين، ونسخت الصلاة الجماعية أوزار أوساخ الانحراف السابق وقلنا: الحمد لله رب العالمين. وبعد الصلاة: صلينا على رسول الله جماعة، والذي لولاه ما اهتدى هاد إلى الطريق ولا سلك سالك درب الهادية، (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا). هنأت الرجل الصالح بصلحه مع الله وقلت له: والله لو أذنت لي أريد أن أجعل قصتك نموذجا أتمثل به في دروسي ومواعظي وخطبي ومحاضراتي...قال لي: لو شئت ان أحضر معك في أي محاضرة أو جلسة علمية لأدلي بشهادتي سأفعل سريعا.. الله اكبر، إنها العزة بالإسلام، بعد الهداية إلى الإيمان. (نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)؛ صدق الله العظيم. والحمد لله رب العالمين.
| |
|
malak
عدد المساهمات : 21 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 01/03/2010
| موضوع: رد: اجتباء وكرامة -قصة واقعية- 2010-04-07, 13:45 | |
| | |
|
مرية
عدد المساهمات : 18 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 02/05/2010
| موضوع: رد: اجتباء وكرامة -قصة واقعية- 2010-05-16, 03:31 | |
| السلام عليكم بارك الله فيك وادامك للامة منارا والله انها لموعظة وعبرة لمن شاء ان يعتبر ويتعظ جزاك الله عنا خير الجزاء | |
|