ركب شخص سيارة صاحبه .. فكانت أول كلمة قالها : ياه ! ما أقدم سيارتك !
ولما دخل بيت صاحبه رأى الأثاث فقال : أووووه .. ما غيرت أثاث بيتك حتى الان؟
بعد ذلك ولما رأى أولاد صاحبه قال : ما شاء الله .. حلوين
الا أنه تابع قائلاً : لكن لماذا لم تلبسهم ملابس أحسن من هذه ؟
ولما عاد إلى البيت قدّمت له زوجته طعامه .. وقد وقفت المسكينة في المطبخ ساعات طوال
فنظر ورأى أنواعه فقال : يا الله .. لماذا لم تطبخي ايضا بعض الأرزّ ؟
مد يده وتناول بعض الطعام ثم قال متذمراً: أوووه .. الملح قليل ! لم أكن أشتهي هذا النوع !
دخل محلاً لبيع الفاكهة .. فإذا المحل مليء بأصناف الفواكه الشهية
فقال : هل عندك مانجو ؟
ردَ صاحب المحل العجوز : لا .. هذه تأتي في الصيف فقط
فقال : هل عندك بطيخ ؟
فردَ صاحب المحل ثاتية : لا ..ايضاً هذه تأتي في الصيف فقط
فتغير وجهه وقال : ما عندك شيء ؟ .. لماذا اذاً لا تغلق المحل ؟
وخرج غاضباً ونسي أن في المحل أكثر من أربعين نوعاً من الفواكه
أخي الكريم, أُختي الغالية
نعم ..بعض الناس يزعجك بكثرة انتقاده .. ولا يكاد يعجبه أي شيء
فلا يرى في الطعام اللذيذ إلا الشعرة التي سقطت فيه سهواً
ولا في الثوب النظيف إلا نقطة الحبر التي سالت عليه خطأً
ولا في الكتاب المفيد إلا خطأًً مطبعياً وقع سهواً
فلا يكاد يسلم أحد من انتقاده .. دائم الملاحظات .. يدقق على الكبيرة والصغيرة
في حقيقة الأمر من كان هذا حاله فقد عذب نفسه
وكرهه أقرب الناس إليه واستثقلوا مجالسته
لأنه لا يقيم لمشاعر الناس اعتباراً.. يجرحهم بكل سهولة ولا يعتقد أنه قد أخطأ بشيء
أخي الكريم, أُختي الغالية
لا تجعل كلامك سهاماً جارحة فيكرهك الناس
لهذا احرص دائماً على انتقاء كلماتك مع الآخرين.. كما تنتقي أطيب الثمر والورد
واسمع إذا شئت ما قاله الصحابة رضوان الله عليهم وهم يصفون كيفية تعامله
صلى الله عليه وسلم معهم ومع أهل بيته :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال
ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط .
كان إذا اشتهى شيئا أكله ، وإن كرهه تركه
حديث صحيح رواه مسلم
وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال :
ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فوالله ما قال لي أف قط
ولا قال لشيء فعلته لم فعلت كذا ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا.
حديث صحيح رواه ابن عساكر ورواه ابو داود في صحيحه بصيغة مشابهة.
هكذا كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم .. وهكذا ينبغي أن نكون نحن
ونحن بذلك لا ندعوا إلى ترك النصيحة أو السكوت عن الأخطاء ..
ولكن لا تكن مدققاً في كل شيء .. خاصة في الأمور الدنيوية ..
وتعود أن تُمرر وان تتغاضى عن بعض الأمور والهنات والاخطاء لمن هم حولك
ما دامت لم تنتهك حدود الله ولم يرتكب اي محرم او مخالفة للدين
كذلك كن لبقاً وتحلى بالرفق بمن أمامك عند توجيه النصيجة أو اللوم أو النقد
لأنه هكذا ايضاً كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وهكذا ينبغي أن نكون نحن
فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال
إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه . ولا ينزع من شيء إلا شانه
حديث صحيح رواه مسلم
ايضاً : إياك ثم إياك توجيه النصيجة أو اللوم أو النقد لشخص أمام مجموعة من الناس
أو بين أصدقائه أو أمام حشد من العامة فإنك هنا تكون قد فضحته وكشفت عيوبه وما نصحته
وفي معظم ألاحيان يحصل رد فعل عكسي وتأتي النصيحة بنتيجة عكسية
بل اجتمع به على انفراد أنت وهو فقط وقل له ما تريد بهدوء وود وطول بال
ايضاً : إذا أردت توجيه نقد أو نصيحة لمجموعة من الناس بسبب خظأ ارتكبه شخص ما
فلا تذكر اسم ذلك الشخض بل اجعل الخطاب عاماً مع التركيز على الخطأ والتنبيه له
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لاحظ خطأ على أحد لم يواجهه به وإنما يقول :
ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ..
فكأنه يقول : إياكِ أعني واسمعي يا جارة ..
وفي الختام نقول:
كن كالنحلة تقع على الطيب وتتجاوز الخبيث .. ولا تكن كالذبابة تقع على الجروح والاوساخ