ayyoub2010
عدد المساهمات : 54 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 26/03/2010
| موضوع: الفرق بين الود والحُب؟ 2010-09-25, 14:31 | |
| بسم الله الرحمان الرحيم
ما الفرق بين الود والحُب؟
الود أشمل وأعم وأكبر من الحب.. كيف؟ الحب هو المشاعر الداخلية، ما تُكنه في قلبك للآخرين. الود هو التعبير عن هذه المشاعر بالأفعال. لماذا لم يسمي نفسه الحبيب؟ لأن الود أشمل. ألنا كل ذلك يا رب..؟ نريد أن نستشعر بشيء من الحياء والخجل أو بشيء من الحب الشديد لله تعالى عند سماع اسم الله الودود. الحب مشاعر داخلية والود تصرفات وأفعال. الحب إحساس داخلي والود ترجمة وتحويل المشاعر الداخلية لأفعال وتصرفات. ولذلك أنا أُكن لك مشاعر جميلة.. هذا حب، ولكن عندما ابتسم في وجهك أو أعطيك هدية.. فذلك ود. ولله المثل الأعلى فهو الذي سمى نفسه "الودود".
إذن فكل ودود مُحب وليس كل مُحب ودود. ولله المثل الأعلى. هناك حديث واضح جداً يبين لك هذا الفرق ( إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل، يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه - لماذا؟ لأنه الودود سبحانه وتعالى – فينادي جبريل في أهل السماء: يا أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض) ما شعورك الآن بالودود؟؟
ما الفرق بين الودود والرحيم والغفور والتواب..؟ ربما يشعر البعض أن هذه الأسماء متقاربة ولها نفس المعنى... بل الفرق كبير واشرح لك بمثل.
الإنسان مخلوق ضعيف، احتياجاته لا تنتهي. محتاج للطعام والشراب، فيتجلي الله عليه باسمه الرزاق.. أليس كذلك؟ محتاج للحماية والحفظ، فيتجلى الله عليه باسمه الحفيظ. محتاج للتربية والإصلاح، فيتجلى الله عليه باسمه الرحيم. محتاج للتعليم والفهم، فيتجلى الله عليه باسمه الفتاح العليم. محتاج قوة وعزة، فيتجلى عليه باسمه العزيز. كل ذلك يحتاجه، ولكنه يحتاج إلى شيء هام جداً ألا وهو الحنان والعطف. فالله تبارك وتعالى تجلى عليه بالرحيم والكريم والرزاق والعزيز، ولكنه مازال يحتاج لشيء أخر.. فتجلى عليه باسمه الودود. أرأيت كم هو عليم باحتياجاتك؟ فاحتياجاتك المادية.. الرزاق، واحتياجاتك الروحية.. الودود سبحانه وتعالى.
هل تعلمون احتياجات الطفل من والديه؟ ولله المثل الأعلى.. يحتاج أن يُعلّموه ويُربوه ويصرفوا عليه الأموال ويُلبسوه ويُطعموه.. أهذا كافٍ؟ بل يحتاج لشيء أخر اسمه الحنان والعطف. يقول علماء النفس بأن الطفل يمتلئ ثقة في نفسه عندما يقول له أبيه "إني لأحبك"، ويمتلئ حنان وفرحة عندما تقول له أمه "إني أحبك".. ولله سبحانه وتعالى المثل الأعلى.
الله سبحانه وتعالى جعل الكون كله قائم على نظام الأب والأم في حياتنا.. ليس فقط للتربية ولكن لهدف معرفة الله عز وجل. لذلك يقول النبي دائماً ( لللّه أرحم بكم من الأم الشفيقة بولدها ). وكأن هذا النموذج لتِعرف به كيف يحبك الله.
يقول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه: " لو قيل لي يوم القيامة سنطلق حسابك لأبيك وأمك لرفضت، لأن الله سيكون أرحم بي من أبي وأمي "
هذه الكلمة لمن يعرف الودود حقاً كسيدنا علي، فهو يعيش مع أسماء الله الحسنى ويعرفها جيداً. الودود مع عباده
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً } مريم96 { وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ } البروج 14- 15. أكثروا من الصالحات وانتظروا الود الجميل من الودود. أي تشريف أكثر من ذلك..؟!
استمع لهذه الآيات وهذه الأحاديث التي تعرفك بالودود سبحانه وتعالى في أمور كثيرة. يقول الله تبارك وتعالى { فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } المائدة54 وبدأ بنفسه سبحانه وتعالى.
اسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله تبارك وتعالى يُنادى يوم القيامة: يا آدم إن الله يأمرك أن تُخرج من ذريتك بعثاً إلى النار، فيقول آدم: يارب وكم بعث النار، فيُقال له من كل ألف، تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة، فعندما قال النبي هذا الحديث، غطى الصحابة وجوههم وسُمع لهم صوت بكاء، فدخل النبي بيته فنزل جبريل. يقول لك الله: لما تُقنط عبادي.. اخرج إليهم فبشرهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعون ومنكم واحد، وإني لأرجوا أن تكونوا رُبع أهل الجنة، فكبرنا.. فقال النبي: وإني لأرجوا أن تكونوا ثُلث أهل الجنة، فكبرنا.. فقال النبي: وإني لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة). الودود يحب أن يستبشر عبادة ويفرحوا.
يقول النبي ( عُرضت عليّ الأمم يوم القيامة، فرأيت النبي يأتي ومعه الرجل، ورأيت النبي يأتي ومعه الرهط، ورأيت النبي يأتي وليس معه أحد، ثم رُفع إليّ سوادٌ عظيم – أي عدد كبير من الرؤوس – فقلت أمتي أمتي، فقيل لي لا، هذا موسى وقومه. ولكن انظر إلى الطرف الأخر، فنظرت فإذا سواد يسُد الأفق، فقيل لي هؤلاء أمتك، ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. فقال النبي فاستزدت ربي فزادني على كل ألفٍ سبعون ألف يدخلون الجنة بغير حساب )
يقول النبي ( عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله.. ) فهنيئاً لك من الودود، فهذه العين حُرّمت على النار.
اسمع لهذا الحديث القدسي ( أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه ) تعود أن تذكر الله..
{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } البقرة152
( من ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملئ، ذكرته في ملئ خير منه ) أليس ودوداً..؟؟
يأتي أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم، اسمه عثمان بن أبي طلحة ويقول له: يا رسول الله أشتكي من وجع في جسدي، فيعلمه النبي أن يكون بينه وبين الله علاقة قريبة، فقال له النبي: ضع يدك على مكان الوجع وقل باسم الله ثلاث مرات ثم قل أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات. يقول ظللت أفعلها فذهب عني الوجع، ووالله من يومها وأنا أعلمها لأهلي ولكل من أعرف.
كان يجلس النبي يوماً في بيته، فقام وذهب إلى المسجد ليجد مجموعة من الصحابة يجلسون، فقال لهم: ما أجلسكم؟ فقالوا جلسنا نذكر الله يا رسول الله. قال: آلله ما أجلسكم إلا هذا؟ قالوا آلله ما أجلسنا إلا هذا. فقال النبي: إني لم أسألكم تُهمة لكم، ولكن بلغني أن الله يباهي بكم الملائكة. أرأيتم كيف يحبنا الودود..؟؟
اسمع الودود سبحانه وتعالى وهو يقول ( من تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ) أرأيتم؟!
وفي الأثر ( يا داوود لو يعلم المدبرون عني شوقي لعودتهم ورغبتي في توبتهم لذابوا شوقاً إلي. يا داوود هذه رغبتي بالمدبرين عني فكيف محبتي للمقبلين علي )
الودود يعاتبك بود { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ } الحديد16. فعتابه ليس مؤلماً.
الودود سبحانه وتعالى مع النساء في الحجاب { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ – بقربهم مني - فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الأحزاب59. فالحجاب دليل على قربها من الله فلا يتعرض لها أحد بسوء. هل فكر أحد في الحجاب بهذا الشكل..؟ لو فهمتي الحجاب بهذا الشكل لذبتِ شوقاً إلى الحجاب من الودود سبحانه وتعالى.
الودود الذي غرس في كل قلوبنا الود بيننا وبين بعض.. أليس كذلك؟؟ الجلسات النقية الطاهرة التي تجمع بين الأصدقاء. الجلسات العائلية والفرحة التي تغمرهم وأولادهم بينهم. أليست من الودود سبحانه وتعالى؟
فترة الخطوبة والعقد.. لهفة الاثنين على بعض { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً...} الروم21. أليست هذه من الودود سبحانه وتعالى؟
ابحث في الكون، ابحث في حياتك الشخصية، ابحث في القرآن.. ستجد الودود في كل مكان يُناديك ويدعوك إلى محبته سبحانه وتعالى.
دموع الأم وهي تودع ابنها للسفر.. أليست هذه من الودود؟
العُمرة.. قالوا سميت العُمرة بهذا الاسم لأنها زيارة تُعمّر الود بينك وبين الله سبحانه وتعالى ولإعمار الود بين العبد وبين الله تعالى.. أليست العُمرة من الودود؟ ألا تلاحظ أن ما تردده حتى تصل إلى الكعبة هو " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلك، لا شريك لك " يقول أحد التابعين أثناء كلمات التلبية " طال شوقي إليك فعجل قدومي عليك ".
رؤية الكعبة تجعلك تشتاق إليها ويهفوا قلبك حباً لها، فما بالك بالنظر للودود سبحانه وتعالى يوم القيامة؟! { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } القيامة22-23
( إنكم سترون ربكم كما ترون البدر في ليلة التمام ). تحياتي | |
|